ادعت قطع علاقتها مع المغرب بسبب "أعماله العدائية".. كيف تُبرّر الجزائر تصريحات حفيد نيلسون مانديلا المعادية للمغرب من أراضيها؟!
أظهر التصريح العدائي الذي اطلقه زوليفوليل مانديلا، حفيد زعيم جنوب إفريقيا الراحل، نيلسون مانديلا، خلال افتتاح "الشان" بالجزائر، التناقضات الصارخة للنظام الجزائري بين ما يقوله وما يفعله في علاقاته مع المغرب، حيث أعطى الفرصة لحفيد نيلسون مانديلا للترويج لخطاب معاد للمغرب من أراضيه، إذ دعا الأخير للحرب لتحرير ما وصفه بـ"آخر مستعمرة في إفريقيا" في إشارة لدعم انفصال الصحراء المغربية.
وتُبرز هذه الواقعة العديد من التناقضات التي ما فتئ يسقط فيها نظام تبون منذ تولي الأخير لمقاليد الحكم في قصر المرادية، وهي تناقضات تكشف بشكل واضح بأن الجزائر عندما تتحدث عن "مبادئ" فهي في الأصل تتحدث عن "مبدأ" واحد ووحيد، وهو مبدأ العداء للمملكة المغربية بشتى الوسائل، حتى لو كانت تتناقض فيما بينها.
وتظهر هذه التناقضات في الخطابات المتعددة للسان حال النظام الجزائري، فالخطاب الذي توجهه الجزائر لإفريقيا، ليس هو نفس الخطاب الموجه للبلدان العربية، كما أن خطابها الموجه للعالم يختلف عن الخطابين السابقين، وهذا إن دلّ على شيء، وفق ما يقول الكثير من المتتبعين، فإنما يدل على أن الغاية هي العداء للمغرب ولا مشكلة في أن تختلف الوسائل وتتناقض.
فعندما قررت الجزائر قطع علاقاتها الكاملة مع الرباط، منذ عامين، رفعت مُبررا كبيرا وفضفضا، ألا وهو "الأعمال العدائية للمغرب تُجاهها"، واستعملت ورقة تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل كإحدى أوراق التبرير، ولم يُفلح خطاب الملك محمد السادس الذي جاء بعد الذي أكد فيه بأن "الشرّ لا يُمكنه أن يأت للجزائر من جهة المغرب"، في تغيير موقف النظام العسكري الجزائري، بل هذا النظام اليوم يقوم بنفس "الأعمال العدائية" الذي كان يتحجج أنها سببا في قطع العلاقات مع المغرب، حيث يفسح أراضيه للترويج للحرب ضد المملكة، فأي جواب يملكه النظام الجزائري على هذا التناقض؟
هذا العمل العدائي تُجاه المغرب في افتتاح "الشان" يأتي أيضا بعد أشهر قليلة من رفع النظام الجزائري شعار "لمّ الشمل العربي" وتوجيهه لخطابات معسولة للبلدان العربية، بأن مبدأ الجزائر يقوم على دعم القضايا العربية والدفاع عنها وتوحيد صفّ العرب، فأي لمّ لشمل العرب يدّعيه نظام تبون، وهو يُعلن صراحة دعمه لتقسيم بلد عربي وفرض أجندة المرحلة الاستعمارية السابقة؟
ولا يقف التناقض الجزائري عند هذا الحد، فخطابه الموجه للعالم، له وجه "مسالم" ومختلف كليا، فهو يدّعي بأن الجزائر دولة تقف على مبدأ الحياد من الصراع "المغربي-الصحراوي"، وأنه يقف مع حلّ يُرضي الطرفين ولا علاقة للجزائر من قريب أو من بعيد في هذا الصراع. إذا كان هذا الكلام صحيحا، لماذا تسمح الجزائر بتمرير خطاب معاد للمغرب في تظاهرة رياضية؟
كل هذا يأتي مقابل العديد من المحاولات المغربية لطي صفحة الخلافات بين البلدين عن طريق مفاوضات مباشرة بدون شروط مسبقة، وقد وجّه الملك محمد السادس دعوتين رسميتين للرئاسة الجزائرية في هذا الشأن، لكن الرد الجزائري كان دائما هو التجاهل، مع زيادة جرعة العداء والكراهية للمغرب.
ويبدو من خلال التصريحات والإشارات التي تأتي من الجزائر، أن الأمل في تجاوز الخلافات مع هذا البلد، في ظل استمرار الجيل القديم في تولي مقاليد الحكم في البلاد، هو أمل جد ضعيف، خاصة أن جيل تبون وشنقريحة يشترط عند كل محاولة صلح العودة إلى الماضي بأخطائه وتعقيداته، في الوقت أن المتضرر هو الحاضر وأجياله.